حين نتحدث عن كرة القدم في العالم العربي، لا يمكن أن نتجاهل الكرة المصرية التي تُعد من أقدم وأعرق المدارس الكروية في الشرق الأوسط وإفريقيا.
من الملاعب الترابية في بدايات القرن العشرين، إلى صخب المدرجات في استاد القاهرة، ومن نجوم الزمن الجميل إلى المحترفين في أوروبا، قطعت الكرة المصرية رحلة طويلة ومليئة بالإنجازات والدراما والإثارة.
في هذا المقال، نأخذك في جولة ممتعة داخل ذاكرة الكرة المصرية، نستعرض أبرز محطاتها التاريخية، ونتعرف على النجوم الذين تركوا بصمتهم الخالدة في قلوب الجماهير.
البدايات: كرة القدم تدخل مصر
دخلت كرة القدم إلى مصر في أواخر القرن التاسع عشر مع الاحتلال البريطاني، حين بدأ الجنود والضباط الإنجليز لعب الكرة في الثكنات والموانئ.
وسرعان ما انتشرت اللعبة بين الشباب المصري، خاصة في الإسكندرية والقاهرة، وتم تأسيس أول نادٍ مصري لكرة القدم، وهو النادي الأهلي عام 1907، تلاه نادي الزمالك في 1911، والاتحاد السكندري في 1914.
كانت البداية بسيطة، لكن شغف المصريين بالكرة تحول إلى حالة شعبية جارفة، جعلت مصر أول دولة عربية وإفريقية تنضم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في عام 1923.
المشاركات الدولية الأولى
دخلت مصر التاريخ من أوسع أبوابه حين أصبحت أول منتخب إفريقي يشارك في كأس العالم عام 1934 في إيطاليا، وهو إنجاز ظل محفورًا في التاريخ، رغم خروج المنتخب من الدور الأول.
وفي الخمسينيات، بدأت مصر في فرض اسمها على الساحة الإفريقية، حيث فازت بأول نسخة من كأس الأمم الإفريقية عام 1957، ثم كررتها في 1959.
العصر الذهبي الأول: السبعينات والثمانينات
شهدت الكرة المصرية في السبعينات والثمانينات نهضة كروية كبيرة، على مستوى الأندية والمنتخب.
أبرز الملامح:
- ظهور نُجوم كبار مثل الخطيب، حسن شحاتة، طاهر أبو زيد، محمود صالح، مصطفى عبده
- تألق الأهلي والزمالك في البطولات الإفريقية
- التتويج بـ كأس الأمم الإفريقية 1986 في القاهرة
- عودة مصر إلى كأس العالم بعد غياب طويل في مونديال 1990
كان هذا الجيل هو من أعاد الثقة للكرة المصرية، ورسّخ مكانتها إقليميًا.
الجيل الذهبي: 2006 – 2010
ما بين عامي 2006 و2010، شهدت الكرة المصرية حقبة هي الأنجح في تاريخها على الإطلاق.
تحت قيادة المدرب حسن شحاتة، نجح منتخب مصر في الفوز بـ:
- كأس الأمم الإفريقية 2006 (مصر)
- كأس الأمم الإفريقية 2008 (غانا)
- كأس الأمم الإفريقية 2010 (أنغولا)
بثلاثية تاريخية لم يسبق لأي منتخب إفريقي أن حققها.
كان هذا الجيل يضم أسماء لا تُنسى:
- محمد أبو تريكة – المايسترو واللاعب المثالي
- أحمد حسن – القائد الأسطوري
- عصام الحضري – الحارس الذي لا يشيخ
- وائل جمعة، عمرو زكي، حسني عبد ربه، عماد متعب، سيد معوض
ورغم عدم التأهل لكأس العالم، إلا أن هذا الفريق فرض احترامه عالميًا وقدم كرة جميلة أقنعت الجميع.
حقبة الاحتراف وأسطورة محمد صلاح
مع دخول الألفية الجديدة، بدأ عدد من اللاعبين المصريين في الاحتراف بأوروبا، لكن التحول الحقيقي جاء مع نجم فذ اسمه محمد صلاح.
من نجريج إلى ليفربول:
بدأ مشواره في المقاولون العرب، ثم احترف في سويسرا (بازل)، ومنها إلى تشيلسي، فيورنتينا، روما، وأخيرًا ليفربول حيث:
- قاد النادي للفوز بدوري أبطال أوروبا 2019
- فاز بالدوري الإنجليزي 2020
- حصد لقب هداف البريميرليغ عدة مرات
- أصبح الهداف التاريخي للنادي في المسابقات الأوروبية
صلاح لم يعد مجرد لاعب، بل أصبح رمزًا عالميًا للكرة المصرية، وقدوة لكل لاعب عربي.
الكرة المصرية اليوم
رغم التحديات، لا تزال الكرة المصرية تملك قاعدة جماهيرية ضخمة، وأندية قوية، ومنتخب يطمح للعودة إلى المجد.
- الأهلي يُعد النادي الأكثر تتويجًا في إفريقيا
- الزمالك يواصل تقديم أجيال مميزة ومنافسة شرسة
- مصر شاركت في كأس العالم 2018
- نجوم مثل تريزيغيه، النني، زيزو، مصطفى محمد يواصلون الاحتراف خارج البلاد
ويأمل عشاق الفراعنة أن يكون المستقبل أكثر استقرارًا وتوهجًا.